top of page

من أجل العدالة المناخية لأفريقيا

إن أفريقيا جديدة ممكنة !

assemble-38_edited.jpg

بيان من المجموعات الأفريقية من أجل العدالة المناخية حول كوفيد-19

7 مايو/أيار 2020

ربما تُمثلُ جائحة كوفيد-19 أعظمَ حدث عالمي في العقود الأخيرة.  تُبرز الأزمة وتُفاقم أوجهَ التفاوت القائمة في النظام الاقتصادي-الاجتماعي النيوليبرالي والبطريركي المُعولم.  وقد باتت العواقب المتدفقة لسياسات الحجر الصحي تتحول بالعديد من بلداننا الأفريقية إلى أزمات اجتماعية واقتصادية عميقة حيث تضرر منها، وسيتضرر من جديد، أشدَّ الضرر أضعفُ الناس. يناضل سكانُـنا ضد محدودية الاستفادة من العلاجات الصحية، وضد فقد فُرص العمل والدخل، وضد انقطاع الكهرباء والماء، وضد مصاعب أداء الفاتورات وحتى ضد خطر الطرد عند تعذر سداد الإيجارات.  وقد تلوح في أفريقيا برمتها أزمة غذائية كبيرة، لأن الأسواق غير المهيكلة مغلقة ووسائل العيش متضررة.

 

 في لحظة الأزمة هذه، نحيي نحن الموقِّعون أسفله، من منظمات المجتمع المدني وحلفاء، عمال العالم قاطبة، من ممرضات وأطباء وسائر مستخدمي قطاع الصحة، وفي الأسواق والمتاجر الكبرى، وشغيلة  تنظيف الشوارع، وجامعي القمامة والزبالين، وعمال البيوت والمُعالجين، ومستخدمي قطاع النقل والشاحنات، وشغلية القطاع الغذائي، والفلاحين، ومنتجي الأغذية، كل الذين يمدوننا بالطاقة وكل الذين يضطرون للعمل يوميا  لتغذية أسرهم، على العمل الشجاع وما يتجشمون من تضحيات كي يتيحوا لنا البقاء في البيت من أجل وقف تقدم الفيروس.

 

 في ملتقى الأزمة المناخية وأزمة كوفيد-19، يجب على العالم وعلى أفريقيا ابتكار مسار جديد

 

للأسف، لن تتوقف الأزمة المناخية فيما العالم مُركِّز على الأزمة الصحية الناتجة عن كوفيد-19. إن كلا الأزمتين ناتجتان عن أفعال البشر، ويكمن أصلهما في كيفية معاملة أنظمتنا السياسية والاقتصادية  لكوكب الأرض ولسكانه، بدافع من جشع الربح.  كانت الأزمة المناخية  تُخرب قارتنا ومناطق أخرى بالعالم لمَّا هوى كوكب الأرض في جائحة كوفيد-19. ولا تزال أفريقيا جنوب خط الاستواء تحت صدمة أعاصير إداي وكنيث المدمرة في السنة الماضية، وعليها أن تواجه آثار مناخية مُضنية من قبيل الجفاف والفيضانات وارتفاع مستوى البحر، الخ. إن الارتفاع المرتقب لدرجات الحرارة العالمية فيما يخص أفريقيا ينذر بانهيار إنساني ومجتمعي وبيئي.

 

إن الشركات العابرة للأوطان، بتواطؤ مع الحكومات الأفريقية وغيرها من النخب، والعاملة بكل إفلات من العقاب وباحتقار للسكان وللكوكب، هي أحد المسؤولين الرئيسيين عن الأزمات الراهنة المتعلقة بالطاقة وبالمناخ والغذاء وبالتنوع الحيوي وبالبيئة. كان لأنشطة تلك الشركات أثر على وسائل عيش الجماعات المحلية عبر الاستيلاء على الأراضي والاستحواذ على الموارد الطبيعية، لاسيما بواسطة أسواق الكاربون وغيرها من الحلول الزائفة والضارة. وقد قامت بتلويث هوائنا ومائنا وأراضينا وأجسامنا وجماعاتنا. إن معظم ما تخلق من أرباح غالبا ما يتم ترحيله بطريقة لاشرعية خارج المنطقة، وإيداعه بالعديد من الفراديس الضريبية بالعالم برمته. بيد أننا نؤكد، فيما سعر البترول ينخفض إلى أقل من صفر لأول مرة في التاريخ، أن نهاية عصر النظام الاستخراجي، المضر بالإنسان وبالكوكب، تلوح في الأفق. آن وقت توديع المحروقات الأحفورية والزراعة الصناعية المشؤومة.

 

أدت الأزمة الراهنة إلى انخفاض مؤقت لنفث الكربون والتلويث بسبب توقف بعض الصناعات أو تباطؤها. لكن هذا يجري على حساب فرص العمل واستراتيجيات معيشة الأفارقة وغيرهم من الأشخاص ذوي شبكة أمان منعدمة أو ضعيفة. لا يتعلق الأمر بـ"انتقال عادل" كالذي طالبنا به مع أصدقائنا في الحركة النقابية. كما نرى أيضا العديد من الحكومات تحذف القوانين والإجراءات البيئية أو تخففها، بقصد حفز بائس للاستثمارات على المدى القصير، ما سيؤدي بلا شك إلى تدهور جديد للبيئة، والى انهيار التنوع الحيوي، ويفاقم دورة الأزمة. بيد أن الكيفية التي تطَهَّر بها الهواء في بعض مواضع الحجْر دليل بارز على عدم استدامة الاقتصاد "العادي والتنمية "العادية". سيزدهر الكوكب إذا اخترنا طريق تنمية مغاير، وسيرى الشباب سماء زرقاء صافية لأول مرة، وسيتنفس ملايين مرضى الربو أفضل مما نُعاين حاليا.

لم تؤد برامج التقويم الهيكلي، وتدابير التقشف، وتفكيك الدولة والخدمات العامة، وتقليص الخدمات الاجتماعية، وخصخصة الخدمات الأساسية والاستدانة، سوى إلى تجعل  الدول الإفريقية أقل مقدرة على التصدي لهكذا أزمات. إن هذا الوضع راسخ الجذور في التاريخ الاستعماري لأفريقيا، وفي علاقاتنا مع المؤسسات المالية النيوليبرالية، مثل صندوق النقد الدولي والبنك العالمي، التي منحت قروضا ضخمة بنسب فائدة مرتفعة على أساس شروط التقويم الهيكلي.

 يجب ألا نسمح بوجود هذه الممارسات ذاتها في علاقاتنا مع بنك التنمية الجديد أو أي مؤسسة من النوع عينه. ويجب أن تكون كل الشروط الخاصة بالدعم و/أو قروض التضامن عمومية في إطار ديمقراطية جديدة ومفتوحة.

 

إن خيار "الوضع القائم" لم يعد ممكنا: أية أفريقيا و أي عالم يجب أن يتمخض عن هذه الأزمة؟

 

كما أن رد الفعل السريع للحكومات ولفاعلين آخرين إزاء جائحة كوفيد-19 يُعري التراخي العالمي الحقيقي في مواجهة جدية للازمة المناخية وغيرها من الأزمات. التحليل واضح: إن المطلوب لمواجهة الأزمة، هو بشكل أساسي إرادة سياسية لتحرير موارد واسعة وتغيير السياسات بقصد مواجهة الأزمة وإعادة توجيه كل الجهود نحو وقفها وحلها.

 

 لا يمكننا أن نعود إلى الوضع العادي. يجب التفكير في عالم مغاير، وأفريقيا مغايرة، كي يمكن لهذه اللحظة أن تشكل انعطافا لمنطقتنا وللعالم. تبين جائحة كوفيد-19 أننا بحاجة إلى حلول ذكرناها بكل استعجال بصفتنا  مجموعات من أجل العدالة المناخية عبر أفريقيا. وهذا ما نأمل . لا يمكن اعتبار العودة إلى النظام الراهن اختيارا واردا. نحن بحاجة إلى أجوبة قائمة على أشكال جديدة من النظام الجهوي والتضامن من أجل تصحيحٍ وانتقالٍ عادلين ومنصفين للجميع، لاسيما للفقراء والأكثر تضررا.  نلتزم وندعو الحركات ومنظمات المجتمع المدني بأفريقيا والعالم برمته إلى الانضمام إلينا في النضال من أجل عالم جديد.

assemble-63_edited.jpg

 نداء إلى الفعل:  مطالبنا من أجل إعادة خلق  أمل جديد ونهضة جديدة لأفريقيا وللعالم

إعادة تنظيم الاقتصاد، ودعم عمل العلاجات وإعادة توزيعه

تزويد كل العاملين في قطاع الصحة، وفي القطاعات الأساسية الأمامية، بتجهيزات الوقاية، من قبيل جامعي النفايات والزبالين وعمال القطاع الغذائي، وصغار المنتجين ومنتجي الأغذية المعيشية، الخ.

يجب إعادة النظر كليا في أنظمة الصحة بأفريقيا برمتها وتعديلها، وتأمين أنظمة صحة مجانية،

وفي متناول كافة الأفارقة بما هي حق إنساني.  يجب على أفريقيا أن تعزز مقدرتها الذاتية على تطوير علاجاتها الخاصة، وعلى إنتاج أدوية وتجهيزات فوق ترابها من أجل سكانها، في المجال العمومي وليس إرضاء للجشع الخاص، وهذا بناء على مبدأ سيادة الشعوب، كي لا نضطر إلى استيراد كل شيء من الخارج.

يجب أن يكون كل لقاح يتم تطويره ضد كوفيد-19 غير مقيد بأية براءة اختراع، ومتاحا مجانيا لكافة سكان الكوكب. ويجب ألا يُتَّـخذَ الأفارقة فئران تجارب لاختبار اللقاحات الجديدة المقترحة، ويجب أن يُصادق على الاختبارات بكيفية شفافة وأن تجري بكيفية شاملة.

يجب على كل الدول الأفريقية أن تعترف بالفلاحين، وبصغار المنتجين وبمنتجي الأغذية المعيشية كقطاع أساسي في هذه الأزمة. ويجب أن تكون كل الإجراءات الاستعجالية المطبقة مسترشدة بإعلان الأمم المتحدة حول حقوق  الفلاحين UNDROP

يجب على الدول الأفريقية أن تلتزم بأسبقية حاجات الجماعات التي تعاني من خصاص مائي، لا سيما بنشر شاحنات-خزانات، لأن الإفادة من الماء شرط أساسي لمكافحة هذا الفيروس. ويجب فرض تعليق لكل عمليات الطرد وحبس الخدمات العامة خلال مدة الجائحة، باعتماد أسبقية الأسر الفقيرة والأكثر هشاشة.

يجب تطوير أشكال النقل العمومي التي تنفث نسبة ضئيلة من الكربون، وذلك على صعيد محلي وإقليمي في أفريقيا كلها كي لا نكون تابعين لنظام الطيران الغالي والملوث وللنقل الخاص كما هو الأمر حاليا.

annie-spratt-oA6cWJPmFxs-unsplash.jpg

إعادة تنظيم الاقتصاد، ودعم عمل العلاجات وإعادة توزيعه

الاعتراف بظلم القسمة الجنسية للعمل، والضغط من أجل إعادة توزيع وتثمين عمل العلاجات في الحفاظ على الحياة ( العمل المنزلي التي تؤمن معظمه حاليا النساء). تمثل النساء أغلبية العاملين في قطاع الصحة.

دعم الاقتصاد المحلي، لاسيما الأنظمة الغذائية المحلية من أجل الاستهلاك المحلي للأغذية.

إرساء إعانة دخل شاملة و/أو أساسية من أجل مساندة وسائل المعيشة والأسر.

# عدالة_مناخية_لأفريقيا

إنهاء كل مشاريع استغلال المحروقات الأحفورية والاستخراجية والحفاظ على  الحقوق الإنسانية وحقوق الطبيعة

يجب وقف كل مشاريع المحروقات الأحفورية والاستخراجية وكذا الزراعة الصناعية (لاسيما تكنولوجيات التعديل الجيني) خلال الأزمة وبعدها، في كل البلدان الأفريقية، أيا كان مقر المنشآت.  كما يجب وقف الإعانات العامة لصناعة المحروقات الأحفورية وللمركب العسكري-الصناعي.

يجب أن تقوم عمليات مسيرة ديمقراطيا بفحص الناس والجماعات المتضررة من مشاريع الاستخراج تلك، بما فيه عمال تلك القطاعات. ويجب إجبار المنشآت على إعادة الاعتبار للمنظومات البيئية المتضررة والملَوَثة.

يجب احترام حقوق الجماعات في الموافقة،  وكذا حقها في رفض المشاريع الضارة، وأن تكون موضوع استماع ديمقراطي. يجب على الحكومات ألا تنتهك القوانين والضوابط البيئية الضامنة لمشاركة العموم، ولا حقوقهم الإنسانية الأخرى.

ويجب بوجه خاص على الدول الأفريقية أن تطلب كشف حساب من ممارسي السلطة، لاسيما الشرطة والجيش. إضافة إلى ذلك، يجب الوقف الفوري للتعسفات وللعنف غير المبرر خلال الجائحة وبعدها. ويجب إرساء هيئات تقصي ووساطة مستقلة لتمكين المواطنين من التعبير الحر والآمن دون انتهاك لحقوق الإنسان. يجب وقف العنف.

إنهاء التقشف؛ وإنهاء أزمة الديون؛  وقبول المساعدات المالية في شكل إعانات وليس قروضا؛  والاعتراف بالدين المناخي

يجب قبول التمويلات المخصصة لمساندة التصدي لجائحة كوفيد-19 واستئناف الأنشطة في البلدان الأفريقية  في شكل هبات فقط، وليس قروض. ويجب ألا تكون مصحوبة بأي  شروط من قبيل التقويم الهيكلي من شأنها بلا شك أن تزيد إضعاف الخدمات العامة.

يجب وقف تدابير التقشف والتقويم الهيكلي. ويجب دعم الحقوق الإنسانية والصحة والتعليم وكذا حقوق الطبيعة ووسائل المعيشة لكل الأفارقة ولكل الشعوب.

يجب إلغاء كل الديون التاريخية التي فرضتها المؤسسات المالية الدولية، وذلك بمفعول فوري. لن تؤدي هذه الديون سوى إلى زيادة شل الحكومات  في

تصديها لأزمة كوفيد-19

 

يجب الاعتراف بالديون المناخية والبيئية التي بذمة بلدان الشمال إزاء أفريقيا وسائر بلدان الجنوب. يجب ألا يؤدي دعم أفريقيا ماليا إلى مفاقمة أزمة الاستدانة.

يجب أن تتخذ البلدان الأفريقية تدابير قوية لإلغاء عناصر وديناميات وشبكات الفساد التي تحوِّل المساعدات للأسر الضعيفة خلال هذه الجائحة إلى أداة سياسية، وتعرقل جهود التصدي، وتستعمل هذه الأزمة لغايات لا أخلاقية لزيادة الامتيازات الشخصية.

.

دعم استئناف عادل للأنشطة

يجب على خطط استئناف الأنشطة أن تدعم بالمقام الأول الأشخاص الأفقر والأشد تأثرا بدون أي دعم للمنشآت الكبرى. يجب ألا يُمنح الدعم سوى للعمال المتضررين من الاغلاقات.

يجب فرض حدود هامة على سلطة للمنشآت غير الخاضعة لرقابة، ويجب تعزيز  تدابير المسؤولية  المفروضة عليها.

يجب أن يكون الانتقال الذي نتمنى قائما على نظرة لا تختزل الإنسان في أحد أبعاده، وعلى العدالة. يجب بالخصوص تحليل الأسباب العميقة المشتركة لأزمة كوفيد-19 وللأزمة المناخية والتدابير الواجبة لتعزيز مقدرة المجتمع على المقاومة. ويجب أن يكون المناخ في صلب كل مجهود إعادة بناء.

نحن بحاجة إلى إرادة سياسية للخلاص من هذه الجائحة، وبلوغ اقتصاد ومجتمع يعتني بالناس وبالكوكب. نحن بحاجة إلى انتقال واستئناف للأنشطة عادلين.

بدون عنوان-1_edited.png

في الوقت الذي تعصف بنا الأزمة المناخية، ونواجه أزمة صحية جديدة، عنوانها كوفيد-19، تزيد من تأزيم الأوضاع ومضاعفة المخاطر وتكريس الفقر؛ لازال الامل في المقاومة قائما، والنضال من اجل عالم اخر لزاما على كل الحركات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني.

وفي هذا السياق، ومن أجل التفكير في آثار الأزمات وعواقبها علينا، ومن أجل بناء مشترك لتحليلنا، وتوحيد جهودنا؛ اجتمعت في الأسابيع الأخيرة العديد من الحركات الاجتماعية الافريقية ومجموعات من المجتمع المدني المتحالفة من اجل توجيه هذا النداء العاجل، والمصحوب بجملة من المطالب الأولية الموجهة لحكوماتنا وللمؤسسات الأفريقية.

وعليه، نطلب منكم الانضمام لهذه المبادرة عبر التوقيع على هذا النداء الذي يمثل مناسبة لتوحيد أصواتنا وتعزيز مجهودنا الترافعي من أجل العدالة المناخية في هذه الأزمنة الصعبة.

kristaps-ungurs-9heFPPJx3RM-unsplash.jpg

الموقعون الأوائ

  • مركز البحوث والدراسات البديلة (CARES) ، موريشيوس

  • مركز إدارة الموارد الطبيعية (CNRG) ، زمبابوي

  • أصدقاء الأرض في أفريقيا

  • GRAIN Africa

  • GroundWork (أصدقاء الأرض جنوب إفريقيا)

  • مؤسسة صحة أمنا الأرض

  • Justiça Ambiental (أصدقاء الأرض ، موزمبيق)

  • جمعية صيادي خلكم

  • لا فيا كامبسينا أفريقيا

  • Lumiere Synergie pour le Developpement (LSD)

  • حوار الشعوب بجنوب إفريقيا

  • جمعية المرأة الريفية

  • أنقذوا حركة لامو - كينيا

  • التحالف البيئي لمجتمع جنوب ديربان (SDCEA)

  • نحن حركة الحل

  • WoMin

  • المسيرة العالمية للمرأة

شكرا لجميع تلك المنظمات والأفراد الذين أيدوا!

يستمر النضال !

bottom of page